الخوف والقلق – أسباب و أعراض وعلاج وعلاقته مدونة أفضل محتوى

الخوف والقلق – أسباب و أعراض وعلاج وعلاقته مدونة أفضل محتوى

القلق والخوف هي مشاعر طبيعية من الممكن أن تصيب للجميع. لكن أحيانًا، قد يعاني بعض الأشخاص من اضطرابات القلق ومخاوف مفرطة ومستمرّة. وغالبًا ما تنتج عن اضطرابات القلق نوبات متكرّرة من التوتّر والخوف أو الرعب التي تصل إلى ذروتها في دقائق معدودات، فيما يُعرف أيضًا بنوبات الهلع. وقد تتعارض هذه المشاعر مع نسق الحياة اليومية، مما يستوجب علاجها قبل أن تتسبّب في المزيد من الأذى لصاحبها والمحيطين به.

ما هو الخوف

الخوف هو عاطفة إنسانية غريزية تنشأ استجابة لتهديد أو خطر محسوس. وهو آليّة بقاء طبيعية توجد عند الجميع ولكن بدرجات متفاوتة. عندما نشعر بالخوف، تخضع أجسامنا لتغيرات فسيولوجية كارتفاع معدل ضربات القلب، وسرعة التنفس، وإفراز الهرمونات التي تُسبّب التوتّر مثل الأدرينالين. وعادة ما يختلف الخوف من شخص لآخر، وقد يتعلق بمواقف بعينها أو يأتي من مصادر مختلفة. وقد يتولّد الخوف من مواقف واقعية مثل التعرض إلى العنف أو اعتراض حيوان مفترس، كما يمكن أن يكون الخوف ناتجًا عن أحداث مستقبلية مثل الخوف من الفشل أو من الموت.

ما هو القلق

أمّا القلق، فهو حالة عاطفية أكثر تعقيدًا، إذ يتميز بمشاعر الخوف الشديد التي لا تتناسب مع التهديد الفعلي الذي نتعرّض له. على عكس الخوف أعلاه، والذي ينجُم عادة عن التعرض إلى خطر مباشر، ينشأ القلق غالبًا من توقّع التهديدات المستقبلية أو المواقف التي لم يتأكّد حصولها. صحيح أن القلق هو شعور طبيعي، يمكن بفضله أن يعمل الشخص على اتخاذ إجراءات مناسبة في الوقت المناسب. إلّا أنه من السهل أن يتحول القلق إلى مشكلة عندما يُصبح مفرطًا ومستمرًا وغير متناسب مع الوضع. تشمل اضطرابات القلق اضطراب القلق العام، واضطراب الهلع، واضطراب القلق الاجتماعي، والرهاب.

ما هو التوتر

والتوتر هو حالة من الضيق النفسي والعاطفي الذي قد ينتج عن ضغوط الحياة اليومية مثل المشاكل المالية، أو العمل الشاق، أو المشاكل العائلية. ويتميّز التوتر بشعور شديد بالقلق والاضطراب النفسي والجسدي. وفي حين أنه من الممكن أن يكون التوتر رد فعل طبيعي لمواجهة المواقف الصعبة أو المحفّزات الخارجية، إلّا أن كثرة التوتر هي مضرّة للصحة النفسية والجسدية على حد سواء.

الفرق بين الخوف والقلق

الخوف والقلق هما حالتان عاطفيتان مترابطتان ولكنهما في نفس الوقت مميزتان عن بعضهما البعض.

ويشترك الخوف والقلق في عدة قواسم مشتركة:

رغم اشتراك الخوف والقلق في عدد من الجوانب، عادة ما يكون القلق أكثر عمومًا واستمرارًا من الخوف، وغالبًا ما يأتي دون سبب، وقد يتطور أحيانًا ليصبح في شكل اضطراب لا يمكن السيطرة عليه، ويؤثر بشكل كبير على حياة الفرد؛ وفي تلك الحالة، قد يتطلّب مساعدة مهنية للتحكم فيه. يمكن أن يساعد فهم الفروق بين الخوف والقلق في التعرّف على هذه المشاعر وإدارتها بفعالية.

من ناحية أخرى، يُعدّ التوتّر مفهومًا أوسع يشمل مجموعة من الاستجابات العاطفية، والمعرفية، والفسيولوجية لمختلف الضغوط والمطالب. بينما يرتبط الخوف عادةً بتهديد أو خطر معين، يمكن أن ينشأ التوتر من مصادر متعددة، بما في ذلك العمل، أو العلاقات، أو المخاوف المالية، أو التطلّعات الشخصية. يمكن أن يكون التوتر حادًا وقصير الأجل أو مزمنًا، وقد يصبح له تأثير تراكمي مع مرور الوقت.

علاقة الخوف والقلق بالتوتر

هناك صلة وثيقة تربط بين القلق والتوتر. وبالرغم من وجود العديد من أوجه التشابه، فيمكن لفهم علاقتهما أن يساعد في التمييز بينهما.

يشير التوتر إلى الاستجابة الجسدية والنفسية التي تنتج عن تلقّي الفرد لطلب أو تهديد، سواء أكان حقيقيًا أو من محض خياله. والتوتر هو رد فعل طبيعي وقابل للتكييف، يهيئ الجسم للاستجابة للتحديات. يمكن أن ينشأ التوتر من مصادر مختلفة، مثل العمل أو العلاقات أو الضغوط المالية أو تغييرات كبيرة في الحياة. وقد يكون مؤقتًا (حادًا) أو مستمرًا (مزمنًا).

أما القلق، فهو استجابة عاطفية مُحدّدة تتميز بمشاعر الخوف اللا مُبرّر، وغالبًا ما ينشأ تحسبًا للتهديدات المستقبلية، أو الشكوك، أو النتائج السلبية المحتملة. يمكن أن يكون القلق استجابة طبيعية للتوتر، ولكنّه يصبح مشكلة عندما يكون مفرطًا ومستمرًا ويتعارض مع الحياة اليومية. وعلى عكس التوتر، قد لا يكون للقلق محفز أو تهديد معين على الدوام، لكن يمكن اعتبار القلق تجليّا نفسيًا وعاطفيًا للتوتر.

عندما تستمر أو تشتد الضغوطات على المرء، فإنها قد تؤدي إلى حالة مزمنة من القلق. بما معناه أنه يمكن النظر إلى القلق على أنه نتيجة للتوتر المُطوّل أو المتواتر. ومع ذلك، من الأهمية بمكان فهم أنه ليس كل التوتر يؤدي إلى القلق، وليس كل القلق مرتبط بشكل مباشر بالتوتر.

يمكن أن يساهم الخوف في التوتر عن طريق تحفيز الاستجابة للضغوطات. عندما يواجه الفرد موقفًا مخيفًا، يتفاعل جسمه كما لو كان تحت التهديد، مما يؤدي إلى تنشيط الاستجابة للضغط وإطلاق هرمونات التوتر مثل الأدرينالين والكورتيزول.

وعلاوة على ذلك، يمكن أن يؤدي التوتر نفسه إلى الخوف أو الشعور بالارتباك. عندما يعاني الأفراد من مستويات عالية من التوتر المزمن، فإن قدرتهم على التعامل مع الضغوطات الإضافية قد تضعف أو تتدهور، مما قد يجعلهم أكثر عرضة للشعور بالخوف أو القلق عند الاستجابة للتحديات أو المطالب الجديدة.

أسباب الخوف والقلق

يمكن أن تكون أسباب الخوف والقلق معقدة ومختلفة. فيما يلي بعض العوامل الشائعة التي يمكن أن تسهم في تطور اضطرابات القلق:

قد تنشأ اضطرابات القلق من مجموعة من هذه العوامل، لكن ليس بالضرورة أن يكون لكل فرد نفس مجموعة الأسباب. بالإضافة إلى ذلك، قد يكون تحديد السبب الدقيق للقلق أمرًا صعبًا في بعض الحالات.

أسباب التوتّر

قد ينبع التوتر من عوامل مختلفة، ويمكن أن تكون أسبابه متنوعة. فيما يلي بعض الأسباب الشائعة للتوتر:

لا بد من إدراك أن التوتر هو أمر شخصي ويخص صاحبه، وما قد يكون مزعجا لأحدهم قد لا يكون كذلك لآخر. علاوة على ذلك، قد يتعرض الفرد للتوتر نتيجة لتراكم أكثر من عامل واحد أو اثنين.

أعراض الخوف والقلق

يمكن أن يظهر الخوف والقلق بطرق مختلفة، وقد تأتي هذه الأعراض متفرّقة أو مجتمعة حسب الظروف. وفيما يلي أكثر هذه الأعراض شيوعًا:

من المؤكّد أن تجربة القلق تختلف من شخص لآخر، وليس من الضروري أن تظهر كل هذه الأعراض معًا عند جميع الأفراد. إذا كنت أنت أو أي شخص تعرفه تعاني من ضائقة أو ضعف شديد بسبب أعراض القلق، فمن المستحسن طلب الدعم من دكتور نفسي من أجل التشخيص الدقيق والعلاج المناسب.

علاج الخوف والقلق

إن التغلّب على الخوف يستلزم وقتًا وجهدًا ومجموعة من الاستراتيجيات. وفي حين أنه قد لا يكون من الممكن القضاء على الخوف تمامًا، فمن الممكن التحكم فيه وتقليل تأثيره على حياتك. فيما يلي بعض الأساليب التي يمكن أن تساعد في التغلب على الخوف:

وبينما لا يمكن "علاج" القلق بأتمّ معنى للكلمة، أي يستحيل ضمان عدم الإحساس به مرة أخرى مطلقًا، يمكن التحكم فيه وتقليل تأثيره على الحياة اليومية. غالبًا ما يتضمن علاج القلق استراتيجيات تعالج الأسباب الكامنة وتخلق آليات للتكيف. فيما يلي بعض الأساليب التي يمكن أن تساعد في إدارة القلق:

ومن المهم تذكّر أن تجربة كل شخص مع الخوف والقلق فريدة من نوعها، ولا يوجد نهج علاج واحد يناسب الجميع. لذلك نوصي قراءنا بالعمل مع أخصائي الصحة النفسية الذي يمكنه تقديم التوجيه والدعم الشخصي ويستطيع المساعدة في تصميم خطة علاج تتناسب مع احتياجاتك وظروفك الخاصة.

في الختام، ينبغي تذكر أن الخوف والقلق هما جزء من النطاق الطبيعي للعواطف البشرية ويمكن أن يعودا على المرء بالفائدة. كذلك التوتر، بنسب معقولة وفي محلها، قد لا يكون أمرا سيئًا. لكن عندما تكثر الضغوط والمخاوف، وتصبح هذه المشاعر مفرطة أو مستمرة أو معرقلة للأداء اليومي، فقد يكون من الضروري طلب الدعم.

إذا كنت أنت أو أي شخص تعرفه يعاني من خوف غير مبرر أو أعراض قلق شديدة أو توتر فوق المعتاد، فمن المستحسن استشارة أخصائي الصحة النفسية الذي يمكنه إجراء تقييم شامل وتقديم التشخيص المناسب وخيارات العلاج التي تتناسب مع الحالة.